العالم
الإسلامي
البيان الختامي للدورة الحادية والأربعين للمجلس التأسيسي لرابطة
العالم الإسلامي
مكة المكرمة، الأحد: 27/7/1433هـ = 17/6/2012م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة
للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فبعون الله وتوفيقه، اختتم المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي
دورته الحاديثة والأربعين التي عقدت في رحاب البلد الأمين برئاسة سماحة الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس المجلس،
وبمشاركة أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي والسعادة أعضاء المجلس. وذلك في الفترة
من 26-27 من شهر رجب 1433هـ.
وقد افتتح سماحته الجلسة بكلمة رحب فيها بالأعضاء، وأشاد بجهود
الرابطة في خدمة الإسلام ومتابعة شؤون المسلمين، ودعا إلى المزيد من التعاون بين
الرابطة والمنظمات الإسلامية لحل مشكلات المسلمين.
واطّلع المجلس على التقرير المقدم من الأمانة العامة للرابطة الذي
تضمّن الإجراءات التي اتخذتها لتنفيذ قرارات الدورة الماضية وتوصياتها، ومناشط
إدارات الرابطة ومكاتبها ومراكزها في الخارج ومنجزات الهيئات التابعة لها، ومهمات
وفود الرابطة لمختلف دول العالم، والمؤتمرات التي عقدتها الرابطة، والجهود
المبذولة في الدعوة والحج ومجالات الحوار، والتصدي للحملات العدائية تجاه الإسلام
ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وأشاد المجلس بالجهود التي بذلتها وتبذلها المملكة العربية
السعودية في الدفاع عن الإسلام، وتصديها للحملات المُوَجَّهَة ضده، وتعريف شعوب
العالم ومؤسساته بمبادئه في التسامع والمساواة والعدالة والأمن والسلام.
وإيماناً بقضاء الله وقدره، عبر المجلس عن تعزيته لخادم الحرمين
الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، والأسرة المالكة، والشعب السعودي
الكريم، بوفاة سمو الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس
الوزراء وزير الداخلية، كما قدم التعزية لأبناء الفقيد وأشقائه، مستذكرًا أعمال
الفقيد ومنجزاته المشهودة في خدمة وطنه وشعبه، وخدمة الإسلام والمسلمين، ودعا الله
العلي القدير له بالغفران والرحمة، وأن يجعل ثواب أعماله في موازينه.
وفي جلسته الأولى أكد المجلس على حرص الشعوب
الإسلامية على تطبيق الإسلام في حياتها، وأكد على ما أصدره في دوراته السابقة، وما
أصدرته مؤتمرات الرابطة من قرارات وتوصيات ناشدت فيها حكومات الدول الإسلامية أن
تطبق الشريعة الإسلامية، وعبّر عن عظيم الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية،
وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لتطبيق
أحكام الشريعة الإسلامية والتقيد بالإسلام.
وأكد المجلس على أهمية التضامن الإسلامي، وأهاب بقادة المسلمين
لتحقيق التعاون والعمل المشترك ونبذ الخلافات، ومواجهة النزاعات الطائفية التي تفرق
الأمة.
ودعا منظمة التعاون الإسلامي إلى بذل مزيد من الجهد في تعزيز
العلاقات الاقتصادية بين الدول الإسلامية والإسراع في إنشاء السوق الإسلامية
المشتركة.
وأشاد المجلس بدعوة خادم الحرمين الشريفين دول مجلس التعاون
الخليجي إلى الاتحاد، وأشاد بالجهود التي تبذلها المملكة لتوحيد الصف الإسلامي،
وناشد وسائل الإعلام في العالم الإسلامي بأن تنطلق من أسس الإسلام في علاج
قضاياها، وحذر من تقليد غير المسلمين في عرض صور الأنبياء، واستنكر ما تناقلته بعض
وسائل الإعلام من إنتاج فيلم سينمائي يجسد شخصية خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة
والسلام.
وناقش المجلس عددًا من القضايا الإسلامية، وفي مقدمتها: قضية
فلسطين والقدس؛ حيث أكد على أن قضية فلسطين هي قضية المسلمين جميعاً ولا يمكن
التفريط فيها، وذكّر بمكانة المسجد الأقصى لدى المسلمين، وطالب المجتمع الدولي
بمنع إسرائيل من العبث به، ومنع المتطرفين اليهود من العدوان عليه وعلى المصلين
فيه، وتوفير الضمانات لحمايته من مخططات هدمه، ودعا الإخوة الفلسطينيين لإنهاء
الخلافات القائمة بينهم، وأعرب عن قلقه تجاه الأوضاع المتردية في قطاع غزة بسبب
استمرار الحصار الظالم، ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لإيقاف اعتداءاتها
الصارخة وإنهاء حصارها للقطاع وفتح المعابر، والإفراج عن الأسرى من الرجال
والنساء، كما دعا الدول الإسلامية والهيئات العاملة في مجال الإغاثة إلى تقديم
المزيد من المساعدات للشعب الفلسطيني.
وحول الوضع في العراق دعا المجلس فئات الشعب العراقي إلى نبذ
الفرقة والاختلاف، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في بلادهم، وحذر من التدخلات
الخارجية ومن إثارة الفتن الطائفية، ودعا القيادات السياسية للنأي عن التوجهات
الطائفية، والتعاون لتحقيق الوحدة الوطنية لشعب العراق.
وأعرب المجلس عن عميق الألم والحزن لما يجري
في سورية من أحداث، واستنكر ما يحدث في مدنها وقراها من مذابح مروعة، وحمّل
مسؤولية ذلك الحكومةَ السورية، وطالبها بالانصياع إلى مبادرات جامعة الدول العربية
وهيئة الأمم المتحدة وتنفيذ بنودها، وحث مؤسسات العمل الخيري على مضاعفة جهودها في
إغاثة اللاجئين السوريين، وأهاب بعلماء الأمة للقيام بدورهم في معالجة ما يجري في
سورية والوقوف مع شعب سورية المنكوب.
ودعا الهيئة العالمية للعلماء المسلمين
التابعة للرابطة للتواصل والتنسيق مع العلماء في هذا الشأن.
وحذر المجلس من خطر الدعوات الطائفية في لبنان، وطالب قادة الطوائف
بالعمل على ضبط طوائفها ومنعها من الاستفزاز والعدوان، وأهاب بجامعة الدول العربية
ببذل الجهد لإبعاد لبنان عن الفتن بين الأحزاب والطوائف اللبنانية.
وأكد المجلس على أهمية تعاون شعب اليمن مع حكومته، وأكد على أهيمة
تنفيذ مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لحل الخلافات، وحث علماء اليمن على إصلاح
ما أفسدته الخلافات، ودعا مؤسسات العمل الخيري الإسلامية لتقديم العون للمحتاجين
فيه ومساعدة مؤسسات التنمية فيه لتقوم بواجبها في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
و وجه المجلس الشكر والتقدير لدول مجلس التعاون الخليجي وخاصة
المملكة العربية السعودية على الاهتمام باليمن وشعبه وتقديم الحلول التي من شأنها
تحقيق وحدة الشعب اليمني واستقراره.
وأعرب المجلس عن قلق المسلمين في العالم للمجازر الدامية في بورما،
والتي قتل فيها عشرات من المسلمين، واستنكر سياسة التمييز والاضطهاد ضد المسلمين
بسبب انتمائهم الديني، وطالب منظمة التعاون الإسلامي ببذل الجهود لوقف اضطهاد
مسلمي بورما، ودعا منظمات حقوق الإنسان للقيام بواجبها في حمايتهم ونيلهم حقوق
المواطنة والمساواة مع غيرهم من مواطني بورما.
وفي الشأن الصومالي دعا الفصائل المسلحة في الصومال إلى الاحتكام
إلى الشرع الإسلامي وإنهاء النزاع والعمل يداً واحدة على وحدة الصف وجمع الكلمة
ليعمّ الأمن والطمأنينة ربوعَ بلادهم.
وفي قضية قبرص أكد المجلس على قراراته السابقة التي تطالب بوضع حد
للعزلة المفروضة على القبارصة الأتراك، ودعا الدول الإسلامية إلى توثيق علاقاتها
مع حكومة قبرص التركية الشمالية.
وفيما يتعلق بجنوب الفلبين طالب المجلس بتنفيذ الاتفاق الذي تم
توقيعه عام 1996م وتمكين المسلمين من ممارسة حقوقهم الدينية والوطنية وإحلال
السلام في جنوب البلاد، وناشد الهيئات الإغاثية والمؤسسات التعليمية بالاهتمام
بشؤون المسلمين الفلبينيين وتقديم المساعدات الإنسانية وزيادة المنح الدراسية
لأبنائهم حفاظاً على هويتهم الإسلامية.
وحول الوضع في أفغانستان دعا المجلس الإخوة الأفغان إلى تقوى الله
سبحانه وتعالى والاحتكام إلى شرعه، وحل الخلافات بما يؤدي إلى الاستقرار وتفويت
الفرصة على أعداء الإسلام، ودعا مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية إلى تكوين لجنة
حكماء لتحقيق المصالحة بين الأطراف الأفغانية المتنازعة عن طريق التحاكم إلى الشرع
الإسلامي، وطالب هيئات الإغاثة بمواصلة تقديم المعونات العينية للمتأثرين بالأوضاع
في أفغانستان.
ونظر المجلس في أوضاع الأقليات المسلمة ودعا الدول والمنظمات
الإسلامية لمساعدتها؛ لتتمكن من ممارسة حقوقها الدينية والدنيوية، وحث الأقليات
على الاندماج في البلاد التي تعيش فيها والإسهام في التنمية مع الحفاظ على دينها
وهويتها الإسلامية، ودعا البنك الإسلامي للتنمية إلى تقديم قروض ميسرة لمؤسسات
التعليم والصحة التي تقدم الخدمة للأقليات المسلمة.
ومن أجل بذل المزيد من الجهود في أنحاء العالم خدمة للإسلام
والمسلمين وافق المجلس على إنشاء هيئات تابعة للرابطة، وهي:
1 – الهيئة العالمية للمساجد.
2 – الهيئة العالمية للوسائل التقنية.
3 – الهيئة الإسلامية العالمية للحلال.
وقد وجه أعضاء المجلس الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك
عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، على رعايته ودعمه لكل عمل يخدم الإسلام والمسلمين،
وعلى دعمه لرابطة العالم الإسلامي مما مكنها من القيام بواجباتها في خدمة دين الله
والإسهام في علاج قضايا المسلمين.
كما شكر المجلس صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير
الخارجية، على جهود الوزارة وسفارات المملكة في التعاون مع الرابطة.
وشكر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة
المكرمة، على ما يقدمه من تسهيلات للرابطة.
وشكر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام
للمملكة ورئيس المجلس على جهوده وحرصه على أداء الرابطة رسالتها.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صدر في مكة المكرمة
الأحد: 27/7/1433هـ = 17/6/2012م
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، رمضان - شوال
1433هـ = يوليو - سبتمبر 2012م ، العدد : 9-10 ، السنة : 36